قيمك إرثك

غرس القيم: بذرة الخير التي تثمر جيلاً صالحًا

منذ نعومة أظفارنا، تعلمنا الفرق بين الصواب والخطأ، وتلقينا جرعات مكثفة من القيم التي رسمت لنا حدودًا لا يجوز تجاوزها هذه القيم، التي أصبحت بمثابة بوصلة داخلية، ترشدنا في قراراتنا ومواقفنا، وتنهض فينا كلما حاولنا تجاهلها، لتشكل علامة فارقة في شخصياتنا وتؤثر على مشاعرنا وأفعالنا.

“وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا” (طه: 114)

فالعلم والمعرفة هما أساس بناء القيم، هذه القيم لا تنشأ من فراغ، بل هي نتاج تفاعلنا مع محيطنا الاجتماعي، وخبراتنا المتراكمة، وقناعاتنا ومعتقداتنا التي تغذي نسقنا الثقافي،. لذلك من الأهمية بمكان أن ندرك كيف نشكل شخصية أبنائنا من خلال تفاعلاتنا وتعاملاتنا معهم.

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ” (التحريم: 6)

هذه الآية تذكرنا بمسؤوليتنا تجاه تربية أبنائنا على القيم الصالحة، يجب أن تكون هذه القيم راسخة في نفوسهم وعقولهم ووجدانهم، معتمدة على الإقناع العقلي المنطقي الذي يستند إلى الأدلة الواقعية، كي تساعدهم على التكيف والنضوج، وتجعلهم قادرين على مواجهة تحديات العصر.

“الابن سر أبيه” مقولة عربية أصيل

تحمل بين طياتها أهمية القدوة في التربية، حدث أبناءك عن قيمك، واطلب منهم تحديد القيم التي يسعون للعيش وفقًا لها، واسألهم كيف توصلوا إلى أهمية تلك القيم، اصنع لأبنائك نظامًا إرشاديًا محكمًا من خلال اتباع الآليات والأساليب التربوية المناسبة لكل طفل ومراهق، مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية بينهم، فالأسلوب القصصي، بسحره البديع وتأثيره الكبير على عقول النشء، يمكن أن يحقق نجاحًا بالغًا في توضيح المفاهيم وتعزيز العادات وكل ما يتطلبه الأمر هو الإيمان بقدراتنا كمربين، والرغبة الصادقة، والعزيمة، والإرادة، وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث النبوية التي تتناول جوانب مختلفة من التربية، ومن أبرزها “كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ” (رواه البخاري ومسلم) هذا الحديث يؤكد على أهمية دور الوالدين في توجيه الأبناء وتربيتهم، وأنهم مسؤولون عن غرس القيم والأخلاق الحميدة في نفوسهم.

قال الفيلسوف أرسطو: “جذور التربية مُرة ولكن ثمارها حلوة”.

بذلك نسد حاجة أبنائنا إلى الوجود القيمي، فيكونون إرثنا الحقيقي، ونساهم في بناء مجتمع يسوده الخير والصلاح.